<قصه قصيره مؤثره>
صراع
عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي
الداعية بمركز الدعوة بالمنطقة الشرقية
دخل عليّ في مكتبي وأنا أكتب على جهاز الحاسب الآلي وسلّم نظرت إليه ثم قلت : وعليكم السلام .
قال : أردت أن أسأل فأرشدوني إلى هذه الغرفة .
قلت : تفضل واجلس .
جلس . تركت الحاسب والتفت إليه .
نظر إلي ولم يتكلم . علمت أنه متردد فعدت إلى الحاسب متظاهرا بالعمل عليه .
قال بصوت مبحوح : هل أنت مشغول ؟؟
قلت : لا . أنتظرك .
طال سكوته ، نظرت إليه فإذا هو يمسح دمعه خرجت رغما عنه .
التفتُّ إلى الجهاز مرة أخرى ، وبدأت أضرب على أزراره بغير هدى .
قال : آسف أريد أن أسأل سؤالا .
قلت دون أن تفارق عيني الجهاز : تفضل .
قال : لقد توفيت والدتي البارحة .
قلت : أحسن الله عزائك ، كلنا سائرون لهذه النهاية ، و …..
قاطعني وقال : أنا لم أحزن لهذا !!!!!
فلت : مالك إذن ؟؟؟
قال : أمي ... لم تكن تصلى . هل يجوز أن أصلى عليها ؟؟
توقف قليلا ثم أكمل :
أنا أحبها جدا ؛ فقد قدمت لي كل شيء ؛ الحب والحنان والعطف والنصح .كانت أما وأباً وأخاً كانت تحبني جداً ، كانت ....وأخذته غصة وبكى .
بدأ يفرغ الصراع الذي يعتمل في قلبه
صراع عظيم بين حبه لأمه ، وخوفه أن يعصى ربه .
كيف لا يصلى على حبيبة فؤاده ويقبلها قبل أن يدفنها وهي كانت روحه .
وكيف يخالف أمر ربه الذي يحرم عليه أن يصلى على الكافر .
كيف يفض الصراع بين قلبه المكلوم وعقله الخائف .
إنه حب أمه العظيم ، وحب ربه والخوف منه الأعظم .
نظرته ملؤها الرجاء .
فهمت أنه يريد أن أقول له صلِّ عليها ليرتاح ضميره .
نظرت إليه ونظر إلي ثم فتحت فمي لأتكلم ،
قام مسرعا وخرج فقلت له : مالك ؟؟
ألتفت إلي وهو يمسح دمعاته المتساقطة وقال : عرفت الجواب .
وأنا عرفت ماذا سيفعل .